للمرة 31 على التوالي.. المحكمة التجارية بالدار البيضاء تأذن باستمرار نشاط "سامير"
للمرة الحادية والثلاثين على التوالي، أصدرت المحكمة التجارية بمدينة الدار البيضاء، اليوم الخميس، حكما يقضي بتجديد الإذن باستمرار النشاط بشركة "سامير"، التي تواجه التصفية القضائية منذ الحكم الصادر في 21 مارس 2016، وذلك في وقت تُرجح الأوساط النقابية احتمالية أن تكون الدول قد فقدت السيطرة على القطاع الذي بات تحت رحمة لوبيات المحروقات.
ويتيح الإذن باستمرار نشاط شركة "سامير"، الحفاظ على سريان عقد الشغل للعاملين فيها، ويتم ذلك وفق المادة 652 من مدونة التجارة التي تنص على أنه إذا اقتضت المصلحة العامة أو مصلحة الدائنين استمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتصفية القضائية، جاز للمحكمة أن تأذن بذلك لمدة تحددها إما تلقائيا أو بطلب من "السنديك" أو وكيل الملك.
ويوفر تمديد النشاط مهلة جديدة في إطار مسطرة التفويت القضائي للشركة، لكن هذا المسعى لم يتحقق على امتداد السنوات الفائتة، في وقت لا تبدي فيه الحكومة أي رغبة في التدخل لتذليل العراقيل والعقبات التي تحول دون استئناف تكرير النفط بالمصفاة المغربية للبترول، رغم التحولات الجيوسياسية التي يشهدها العالم والتي تسبّبت في أزمة طاقية كبيرة لا يزال المغرب إسوة بباقي الدول يجابه تداعياتها حتى اليوم.
وعلّق الحسين اليماني الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز العضو في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، على موضوع تجديد الاذن باستمرار النشاط، بالقول إنه طبيعي كل ثلاثة أشهر بقصد المحافظة على العقود الجارية ومنها عقود الشغل ومن جهة أخرى توفير الظروف لمواصلة مساعي تفويت الأصول.
ولفت اليماني، في حديثه لـ "الصحيفة"، إلى أنه إجراء يسمح به القانون التجاري، حينما يتبين للمحكمة بأنه يمكن من خلاله المحافظة على حقوق العمال ومصالح الدائنين ومنهم الدولة كأكبر دائن، مشيرا إلى أن هذا الإذن باستمرار النشاط لا يعني العودة الفعلية للإنتاج بالشركة كما يمكن أن يفهم البعض، وإنما فقط الإبقاء على العقود الجارية مع الشركة ومنها عقود الشغل، ذلك أنه في حال عدم اذن المحكمة التجارية باستمرار نشاط مصفاة لاسامير، "سيتم التسريح النهائي لما تبقى من العمال (514 اليوم من أصل 964 في وقت الحكم بالتصفية) والشروع في اقتلاع الوحدات الإنتاجية لبيعها في سوق المتلاشيات وبثمن لن يغطي حتى مصاريف تفكيكها.
ومن خلال تجديد الاذن باستمرار نشاط المصفاة، يرى اليماني أن المحكمة التجارية بالبيضاء ما زالت تسعى للمحافظة على استمرار العقود الجارية مع شركة سامير ومنها عقود الشغل، بغاية بيع الشركة كمحطة لتكرير البترول، معتبرا، أنه "الخيار الوحيد الذي سيضمن حقوق العمال ومصالح الدائنين وعلى رأسهم الدولة من خلال مديونية الجمارك والضرائب غير المباشرة، وكذلك المحافظة على المصلحة العامة للمغرب بتوفير شروط إحياء شركة سامير والانتفاع من المكاسب والمزايا التي توفرها صناعات تكرير البترول في ظل التسابق الدولي على امتلاك الطاقات".
وتتكون معظم الديون لشركة سامير، بحسب اليماني من المال العام وأساسا قرض الحيازة (12 مليار درهم)، الذي منحه وزير المالية نزار البركة في عهد حكومة بنكيران، "وفي حال عدم بيع شركة سامير واستمرارها كمعمل لتكرير البترول، سيكون من المستحيل استرجاع ملايير الدراهم من المال العام العالقة في مديونية شركة سامير التي تتجاوز 90 مليار درهم."
وشدّد الإطار النقابي في حديثه لـ "الصحيفة"، على ضرورة تعاون السلطة القضائية والسلطة التنفيذية من أجل حماية مصالح المغرب في ملف شركة سامير قبل فوات الأوان وانقضاء كل فرص الانقاذ، موردا أنها بقدر ما هذا الطلب بات مستعجلا ومهما، بالقدر نفسه "ما ننتظر إعمال ربط المسؤولية بالمحاسبة ومتابعة كل المسؤولين عن سوء تدبير هذه القضية، منذ الخوصصة ومرورا بالسكوت على تجاوزات العمودي وزبانيته ووصولا للتفرج من بعد التصفية على تخريب الأصول المادية للشركة وضياع الثروة البشرية التي ترزح تحت وطأة الظروف الاجتماعية المزرية، من جراء الحرمان من الأجور الكاملة ومن الحقوق في التقاعد".
ودعا اليماني، الحكومة الحالية بقيادة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، صاحب أكبر محطة لتوزيع المحروقات، إلى الكف عن الأرباح الفاشلة واستغلال الظرفية الصعبة التي تمر منها البلاد إسوة بدول العالم، من خلال مراكمة الأرباح الفاحشة، مشيرا إلى أنه بعد التراجع في النصف الأول لأكتوبر الجاري، لثمن برميل النفط لأقل من 86 دولار وثمن الطن من الغازوال لاقل من 900 دولار وثمن البنزين لاقل من 770 دولار، مع متوسط الصرف 10.28 درهم للدولار الواحد.
وبالاعتماد على الحسابات المعمول بها قبل تحرير أسعار المحروقات، شدّد اليماني، على أنه من المطلوب أن تنزلق الأسعار، وهو ما لم يحدث في المملكة في وقت كانت العديد من الدول تحركت لتسقيف أسعار المحروقات أو بعض الموزعين في الخارج، يبيعون المحروقات بثمن الكلفة أو حتى بالخسارة في بعض الحالات، وهو ما يرجع أن يكون المغرب اليوم "تحت رحمة القوى المسيطرة والمتحكمة في السوق".
وأكد المتحدث، أن إنقاذ المغاربة من جحيم الأسعار المشتعلة للمحروقات، يقتضي توفر الإرادة السياسية والفصل بين المال والسلطة، من أجل إلغاء مرسوم تحرير أسعار المحروقات والتخفيض من ثقل الضريبة في ثمن المحروقات والعودة العاجلة لتكرير البترول بالمصفاة المغربية للبترول والاستفادة من مزايا صناعات تكرير البترول.
وتتواجد شركة "لاسامير" المملوكة للملياردير السعودي محمد العمودي منذ عام 1997، في طور التصفية القضائية منذ 2016 بعدما عجزت عن تسديد ديونها التي بلغت نحو 4.4 مليارات دولار في نهاية 2014، إلى جانب متأخرات متفرقة، وعانت الشركة المذكورة، أوضاعا مالية متدهورة منذ 2008 بسبب اللجوء المفرط إلى الاستدانة، مع تدهور العمل الناتج عن ضعف تنافسية الشركة في سياق سوق محررة، وانعكاس هذا الوضع على عمال مصفاة تكرير النفط الوحيدة في البلاد لتتوالي بذلك المطالب للحكومة بإيجاد حل جذري للشركة المتوقفة عن العمل منذ غشت 2015.